الأطفال والشعور بالعدوانية
عندما
يبدأ الأطفال باللعب معاً وهم ما بين سنة ونصف وسنتين ونصف من العمر فإنهم
يكونون معرضين لأن يستولي الواحد منهم على ما يخص الآخر دون استئذان أو
تلطف. فالطفل الصغير لا يتخلى عما بين يديه بسهولة، فهو أما أن يتعلق به
بشراسة، أو يتخلى عنه مذهولاً. والأمهات اذ يرين ذلك يبدو عليهن الخجل
والاشمئزاز من تصرفات اطفالهن.
فإذا
كان الطفل وهو في نحو العام الثاني من عمره، هو المعتدى عليه دائماً فذلك
لا يعني أنه سيكون شرساً عندما يكبر. فهو الآن أصغر سناً من أن يكن مشاعر
معينة تجاه الآخرين، فليأخذ ما يشاء منهم في بعض الأحيان. ولكنه إذا كان
يفعل ذلك باستمرار، فإن مما يساعد على حل هذه المشكلة، أن تدعه الام يلعب
احياناً مع أطفال أكبر يستطيعون الدفاع عن حقوقهم. وإذا بدا أنه يخيف
دائماً طفلاً معيناً، فمن الحكمة إبعاده عنه فترة من الوقت. وإذا كان
الطفل يعتدي على طفل آخر، أو يبدو وكأنه يخطط لعملية قتل، فيجب ان لا
يتردد الوالدان في ابعاده بحزم، وإلهائه بشيء آخر. ولا داعي لتوبخيه، بحيث
يتراكم في نفسه الخجل والخزي وهذا لا يسبب سوى الشعور لديه بأن والديه قد
تخليا عنه، وبالتالي يصبح أشد عدواناً.
وإذا
ما بدا أن طفلاً في الثالثة من العمر أو أكبر هو عدواني المزاج باستمرار،
ولم يبد عليه أنه يتعلم شيئاً من التعاون في اللعب، فذلك يتطلب اهتماماً
خاصاً بالأمر، وتوجيهاً معيناً داخل المنزل.
وإذا
لاحظ الوالدان أن الطفل الذي يبلغ الثانية من عمره لا يتخلى عما هو له
لأحد، فليس في ذلك ما يتنافى مع ما هو طبيعي. فهو لا يمكن أن يتحول نحو
الجود والكرم إلا بشكل تدريجي جداً، وذلك من خلال تطوره الروحي النفسي،
وتعلمه كيف يحب الأطفال الآخرين ويستمتع بصحبتهم. أما إذا طلبت منه أن
يتخلى عن عربته كلما طلبها منه طفل آخر، فإن ذلك التصرف هو بمثابة ادخال
في روعه بأن العالم كله يعتزم أخذ حاجاته ومقتنياته، وهذا الشعور لا يشمل
الأطفال وحدهم بل الكبار أيضاً. ومن شأن هذا الشعور أن يجعل الطفل أشد
تعلقاً بمقتنياته وليس العكس. وعندما يصل الطفل إلى المرحلة التي يبدأ
فيها الاستمتاع بصحبة الآخرين، ويكون ذلك عادة في نحو الثالثة من العمر،
فإن في وسعه أن يهيئ الوالدان للطفل وأصدقائه لعبة يشتركون كلهم فيها.
وهذا يخلق متعة في عملية المشاركة والعمل الجماعي